دروس مرئية

د. نسيبة الغلبزوري: محاضرة عن بعد حول موضوع "طرق التفسير"

 
أهداف الموقع

أهداف الموقع

 
البحث بالموقع
 
دراسات وأبحاث

قواعد الترجيح عند العلامة الحافظ عبد الله بن الصديق الغماري

 
إصدارات

إصدار بعنوان: المنهج النقدي في تفسير الحافظ عبد الله بن الصديق الغماري

 
 

د.نسيبةالغلبزوري...إسهامات المرأة المغربية


أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 18 نونبر 2020 الساعة 49 : 12


د.نسيبةالغلبزوري...إسهامات المرأة المغربية

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين والمبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهدية واستن بسنته إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

- فإن المرأة المغربية أسهمت إسهاما فعالا في النهوض ببلدها وبناء حضارته، حيث سجلت منذ عصور خلت حضورا متميزا، وحققت إنجازات هامة وشقها التاريخ بمداد من الفخر منذ بدايات الدولة المغرية إلى وقتنا الراهن، فما حققته المرأة المغربية من مكتسبات ليس في اعتقادي وليد اللحظة، بل هو نتيجة طبيعية لتراكم جهودها وفرض وجودها، وإثبات ذاتها في تحدٍ كبير للتقاليد والعادات البالية الجائرة، فكانت طوال فصول تاريخ هذا البلد في طلب كل تحولاته ولم تتردد في اقتحام جميع مجالات التنمية(الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعلمية والدينية...).

 

أسماء كثيرة دوّنها التاريخ على مر العصور لنساء عظيمات رائدات أسْهمن في النهوض ببلدنا وبناء حضارته السامقة.

 

- مثل كنزة الأوربية، ابنة زعيم قبيلة أوربة الأمازيغية وزوجة المولى إدريس الأول التي كان لها دور أساس وهام في تثبيت وإرساء قواعد دولة الأدارسة. وزينب النفزاوية التي كانت سندا وعونا لزوجها يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية، حيث يرجع بعض المؤرخين نجاحاته وإنجازاته السياسية في جزء كبير منها إلى هذه المرأة الحكيمة. قال في استقصا: "فكانت عنوان سعده والقائمة بملكه والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب...".

 

وفي أواخر العصر المريني وبداية عهد الدولة الوطاسية انخرطت زهور الوطاسية في العمل السياسي وحكمت المغرب في مرحلة تاريخية وضعت بالعصبية فاستطاعت لحنكتها ووعيها السياسي المحافظة على أمن العاصمة فاس وإخماد رياح الفتن.

 

- وكسرت السيدة الحرة ابنة أمير الشاون علي ابن راشد الصورة النمطية عن النساء وحكمت تطوان لمدة تزيد عن ثلاثين عاما.

 

- وتعتبر الأميرة خنّاثة بنت بكار الفقيهة والعالمة والسياسية المغربية زوجة السلطان المولى إسماعيل أول وزيرة في تاريخ الدولة العلوية.

 

- وسجل لنا التاريخ كذلك ما أنجزته فاطمة الفهرية الملقبة - بأم البنين

– حيث بنت أول وأقدم جامعة في التاريخ وهي جامعة القرويين التي تخرج منها أبرز علماء المغرب، قال عنها الدكتور عبد الهادي التازي مؤرخ المملكة المعروف: "... لو لم يمن الله بها على أهل المغرب... لكان ربما يدين بدين غير الإسلام، ويتكلم بلغة غير لغة القرآن"[1].

وعلى خطوتها سارت سيدتان محسنات فاضلتان في هذا العصر هما السيدة فاطمة المدرسي والسيدة نجية نظير، حيث تبرعتا من مالها الخاص مؤسستين تعليميتين، وإن دل هذا العمل على شيء فإنما يدل على أن حس التنمية الاجتماعية مكون هام من مكونات شخصية المرأة المغربية عبر التاريخ.

 

- واستمر عطاء المرأة المغربية وإسهامها في التنمية حيث لم تترد نساء طنجة المتعلمات في فتح بيوتهن لتعليم الفتيات ومن هؤلاء:

 

- الأستاذة الأديبة ارحيمو المدني ابنة القائد ميمون المدني السبتي وهي أول مغربية من أصول ريفية تكتب في الصحف وقد نشر لها مقالها الأول في "جريدة الريف" الصادرة بتطوان تحت عنوان : "فتاة مغربية تستنهض المغاربة".

 

- هذا ولم تكن المرأة الصحروية المغربية بعيدة عن التحصيل العلمي الذي هو أساس كل تنمية منشودة، فقد اشتهرت لالة النيرة بنت الشيكر السباعية: بالفقه والأصول، وكانت تجادل زوجها في الأحكام الشرعية وأمهات كتب العلم، أما أم المؤمنين ابنة المامي السباعية فكانت صاحبة محظرة[2].

 

- وفي العصر الحديث برزت ثورية الشاوي وهي أول امرأة مغربية وعربية تقود طائرة، وأسماء بوجيبار التي ولجت إلى وكالة ناسا الأمريكية وهذه الأخيرة من أصول ريفية وهي متخصصة في علم الفضاء والبراكين في الوكالة المذكورة.

 

- بعد هذا العرض الموجز عن إسهام المرأة المغرية في التنمية عبر التاريخ أرى أنه ليس من العدل والإنصاف ولا يليق بقيمتها ومكانتها أن يحتفل بها في يوم واحد في السنة وهو "اليوم العالمي للمرأة" ثم تُظلم في باقي أيام العام، لأن في هذا إجحافا لحقها وتبخيسً لمجهوداتها.

 - الاحتفال الحقيقي بالمرأة المغربية يكون بتمكينها وإشراكها في برامج تنموية جادة على قدم المساواة مع أخيها الرجل لأن "النساء شقائق الرجال" ولأن تقدم أي مجتمع أصبح مرتبطا بمدى تقدم المرأة وانخراطها في التنمية، وهذا لن يتحقق إلا إذا وجدت منظومة من التشريعات والقوانين القائمة على العدل والمساواة وتكافئ الفرص، وتوعية المجتمع بقضايا المرأة وقدرتها على العطاء والإبداع والابتكار وصنع القرار، وتعزيز دورها الإيجابي في الأسرة والمجتمع.

 

- إن الرهان على النهوض بالمرأة المغربية، يوجد ضمن قيمنا ومقوماتنا الدينية والثقافية والحضارية، لذلك يجب أن تتضاعف الجهود لتتبوأ المرأة المكانة التي تستحقها، إن ما وصلت إليه وضعية المرأة المغربية من تخلف وتدني يعود إلى سوء فهم الدين، وسوء تأويل نصوصه، وإلى التمسك بالعادات والتقاليد المتراكمة واعتبارها منه، والخلط بينها وبين تعاليم الإسلام النقية، لذلك يجب التخلص من ثقافة التخلف والجمود والتقليد والمحافظة، والتحذير من مشاركة المرأة وتغليب جانب الحذر وتوقع الفساد والفتنة منها، وتغليب فكرة المرأة الجسد الفتان على فكرة المرأة الإنسان.

 

- من هذا فإن المرأة المغربية مستعدة للاستفادة من مختلف التوصيات والمواثيق، والأفكار والتصورات، مهما اختلفت مرجعياتها ومهما كان مصدرها (لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها)، وذلك لأجل القيام بدورها الحضاري وتحقيقها للتنمية المبتغاة، ومواكبتها لمتطلبات العصر، شريطة أن لا يتعارض ذلك كله مع ثوابتها الدينية والوطنية، وهويتها وأخلاقها، ومبادئها، لأن حل إشكالية التنمية لابد أن ينبع من أصالتها مع انفتاحها على العصر وسعيها إلى التجديد ومواكبة التطور والاستفادة من جميع الأمم والحضارات ورفض الانغلاق، والجهود، والركود، وفتح باب الاجتهاد المنضبط لقواعد الإسلام السمع الوسطى المعتدل. فكل تنمية بعيدة عن ثقافة وأصالة المجتمع المغربي وبيئته وتراثه وعمقه التاريخي والحضاري هي تنمية معاقة مشوهة عرجاء، لذلك فإن المرأة المغربية لا تقبل بتنمية مزيفة مستوردة بغيمة لم تنبت في التربة المغربية، تنمية تحاول أن تجردها عن فطرتها، وعن سياقها الاجتماعي، وتدعوها إلى التمرد على الدين، وعلى أخيها الرجل واعتباره خصما وعدوا لدودا، وتجرها جرا إلى تحطيم الأخلاق والقيم والمبادئ وإطلاق العنان لممارسة الجنس (باسم حرية الجسد والحرية الشخصية)، ورفض مؤسسة الزواج والروابط الأسرية والحق في الإجهاض... إلخ. كل ذلك باسم الحرية والديمقراطية.

 

من حقنا كأمة لهادين وتاريخ وحضارة أن نرفض ونحتفظ على كل ما يهدد هويتنا، واختياراتنا، وخصوصياتنا، وثوابتنا الأصيلة، ومواكبة الحداثة والانخراط في التنمية المستدامة لا يعني أبدا الانصهار والذوبان في حضارة الغير. من هنا كانت تحفظ المرأة المغربية على المبادئ الكونية المصادمة والمخالفة لدين المغاربة والثوابت المغربية أمر مشروعا هذا وإن مسألة تهميش وتشييء المرأةِ وجعلها بضاعة في السوق تباع وتشترى يعتبر من أهم معيقات التنمية في بلدنا المغرب، فلا تنمية بدون تقدير قيمة المرأة، لأن عملية التنمية تحتاج إلى تسخير كل طاقات المجتمع المادية والبشرية، وبما أن المرأة تمثل نصف الموارد البشرية، فإن الحاجة تتزايد لإشراكها في خطط التنمية المستقبلية الناجحة، ولتحقيق ذلك لا بد من مراجعة الدور المنوط بالمرأة وتحديد المعوقات، التي تقف حَجَرعثرة في وجه انطلاق المرأة نحو تنمية حقيقية تعود عليها وعلى أسرتها ومجتمعها بالنفع. وإليكم بعض المعوقات:

 

أولا: الفقر والهشاشة وخطرهما على المرأة

 

تشكل النساء 70% من فقراء العالم، ويمتلكن 1% فقط ثروات العالم، ويشكلن 1% من صانعي القرار في العالم، و75% منهن إما لاجئات أو مهاجرات بسبب الحروب والفقر وانتهاك حقوق الإنسان.

 

إن عبء المرأة كبير في مواجهة الفقر، فحينما تنسحب الدولة ولا تؤدي دورها تكون المرأة ملزمة بالقيام به نيابة عن الدولة فعليها أن تعيل الأسرة وتوفر لها الاحتياجات الضرورية اليومية.


  •  تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر بالمغرب وصلت إلى 19% وأن سبعمائة وثمانين ألفا (780.000) أسرة تعيش فقرا مدقعا في تجمعات سكنية وأحياء صفيحية هامشية لا تليق بالآدميين، وأن 20% من المباني العتيقة تشكل خطرا على ساكنيها، وأن سكان القرى أكثر فقرا من سكان الحواضر والمدن، وهناك أسر تعيلها النساء والأطفال. وأشار تقرير أممي إلى أن خمسة (5) ملايين مغربي، يعيشون حياتهم اليومية بأقل من عشرة دراهم في اليوم الواحد.
  • خطر الفقر على الأخلاق والسلوك:

إن البؤس والحرمان الذي يعيشه الفقير، خاصة إذا كان بجواره مترفون يدفعه لسلوك غير سوي، والتشكيك في القيم والأخلاق والنظام العام لهذا قالوا: "صوت المعدة أقوى من صوت الضمير".

 

لقد أوضحت مجموعة من الدراسات، أن أغلب الفتيات الجانحات والنساء المرتكبات للجرائم، ينتمين إلى أسر فقيرة. (واتضح أن 75% من نزيلات السجون ينحدرن من أسر فقيرة) والمرتكبات لجرائم السرقة والزنا والتسول أرجعن ذلك كله إلى العوز والفقر، والفقر يمنع الفتيات من متابعة دراستهن والحصول على عمل مما يوقعهن في البطالة، خاصة المدن فيلجأن إلى طرق غير مشروعة للحصول على المال. وذلك من خلال (السرقة – الزنا – الدعارة – الاحتيال – خيانة الأمانة...).

 

وهو أيضا مانع من موانع الزواج وتكوين الأسرة وإكثار النسل.

 

ثانيا: الأمية

 

الأمية شبح مخيف يجثم على صدور أبناء المغرب وبناته، فالمتأمل في وضعية المرأة المغربية، خاصة المرأة القروية يجدها ترزح تحت نيرا الأمية والبطالة وإكراهات الواقع الأسري والاجتماعي.

 

إن المخل الرئيس لإعادة الاعتبار للمرأة المغربية هو مدخل تنموي بالأساس، فلإشراكها في التنمية لابد من اتخاذ تدابير استعجالية والتحرك بسرعة لوضع حد لهذه الآفة، وذلك بالعمل على تعميم التعليم وإجباريته وإيصاله إلى جل المناطق النائية في البلاد بل وفتح مدارس ليلية للتدريس المجاني يأطرها أساتذة متطوعون.

 

نلفت انتباه القيمين على شؤون التعليم ببلادنا وكل الهيئات الاجتماعية إلى اتخاذ حلول واقعية ناجعة، نظرا لتخلف نظم التعليم عندنا بحيث عجزت عن مسايرة التغيرات العالمية المتسارعة، ففي الوقت الذي يرفع فيه المغرب شعار "محاربة الأمية أو محوها" ترفع الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية شعار "التعليم العالي للجميع".

 

ثالثا: البطالة

 

إن من أهم عوامل التخلف تهميش دور المرأة في عملية التنمية الاقتصادية، فنسبة النساء العاملات في المغرب لا تتجاوز 40% في حين بلغت نسبة النساء 52% من مجموع الساكنة، مما يكرس المعاناة والبطالة، ومما يعمق هذه الأزمة عدم المساواة في الأجور رغم الفارق الواضح في عدد ساعات العمل، ويظهر ذلك في قطاع النسيج والفلاحة، مع غياب الرقابة وتجاهل تام لنصوص مدونة الشغل.

 

رابعا: المشاكل الاجتماعية

 

إن الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة لا ينبغي أن ينسينا واقع المرأة المغربية، فهي تعيش ظروفا وإكراهات اجتماعية صعبة للغاية: حيث يزج بها في مربع الأمية، والدعارة والمخدرات، مع الاستغلال والعنف الجسدي، والنفسي الذي برز بشدة في واقع المرأة المغربية، وتزايد ظاهرة الهجرة السرية، وظاهرة الأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع، وارتفاع معدل الإجهاض وارتفاع نسبة العزوبة، والطلاق والتفكك الأسري.

 

وإذا كان هذا هو واقع فلابد من معالجة القضايا الحقيقية والمشاكل المستعصية التي تعاني منها المرأة المغربية، وذلك بفتح ورشات تتضافر فيها الجهود وأرى إشراك كل الأطراف وكل المهتمين بقضايا المرأة (الجمعيات المدينة – المجالس العلمية) لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المشاكل بدل الخوض في معارك جانبية وهمية يتم فيها هدر الطاقات الوطنية.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 


الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأبي العباس أحمد بن خالد الناصري.[1]

 والمحظرة عبارة عن جامعة تحت الخيام وسط الصحراء يلقن فيها الطلاب العلوم المختلفة في حلقات علمية.[2]

 

الغلبزوري







 

 

 
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

اضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق
  * كود التحقق



د.نسيبة الغلبزوري...دور الوساطة في حل النزاعات الأسرية

د.نسيبةالغلبزوري...إسهامات المرأة المغربية

د.نسيبةالغلبزوري...إسهامات المرأة المغربية





 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  دروس مرئية

 
 

»  السيرة الذاتية

 
 

»  إصدارات

 
 

»  دراسات وأبحاث

 
 

»  كلمة المسؤولة عن الموقع

 
 

»  أخبار وتقارير

 
 

»  أهداف الموقع

 
 

»  حوارات

 
 

»  قالوا عن الموقع

 
 
قالوا عن الموقع
 
السيرة الذاتية

سيرة ومسيرة للدكتورة نسيبة الغلبزوري

 
حوارات
 
كلمة المسؤولة عن الموقع
 
أخبار وتقارير

ندوة علمية برحاب كلية أصول الدين بتطوان

 
 شركة وصلة  شركة وصلة